علماء النحو قبل الإسلام؟

لماذا قال العرب :
ألم يأتيك والأنباء تنمي.......... بما لاقت لبون بني زياد (ولم يقولوا لم يأتك)
وقالوا أيضا:
هجوت زبان ثم جئت معتذرا.......... من هجو زبان لم تهجو ولم تدَعِ (ولم يقولوا لم تهج)
هل تعلم أن كتابة العرب لم تكن تحتوي نقاطا ولا همزة ولا حركات ؟ تصور صعوبة قراءة نص دون نقاط ودون همزة ودون حركات.
الكتابة العربية كانت غاية في الإيجاز فهل يصدق أنهم استعملوا الألف -الفارقة - للتفريق بين واو الفعل الناقص الواوي (دعا – يدعو) وواو الجماعة (كتبوا) ؟
لماذا أضاف العرب إلى لغتهم المتميزة بالإيجاز والإختصار الواو الفارقة والجميع يعلم أن لا حاجة لها للتفريق بين واو الجماعة وواو الفعل الناقص الواوي ؟
قيمة هذاالبحث إذا تأكد به اكتشاف قاعدة لغوية هي :
1 - في إقامته الدليل أن اللغة العربية لم تكشف كل أسرارها النحوية والصرفية رغم مرور ألف ومائتي سنة على وضع علوم اللغة العربية .
2 – طرح إمكانية وجود علماء نحويين وضعوا قواعد اللغة العربية وسبقوا النحويين التاريخيين الذين ظهروا بعد الإسلام والذي أشهرهم سيبويه.

البداية سؤالان وفرضية

البداية فرضية و سؤالان لا يقنع ما يتدوال عنهما منذ ما يزيد عن ألف ومئتي سنة.
السؤال الأوّل : ما هو دور الألف التي تدعى (الفارقة) بعد واو الجماعة في الأفعال ؟
السّؤال الثاني : لماذا يجزم الفعل النّاقص بحذف آخره؟ ( دعا – يدعو – لم يدعُ)
الفرضية : وجود علاقة بين الألف (الفارقة) وجزم الأفعال النّاقصة؟
إذا وقع اكتشاف قاعدة لغوية لم توثق من قبل رغم تداولها في الكلام العربي منذ قرون فما يمنع وجود قواعد أخرى غير مكشوفة ؟ هنا تكمن قيمة هذا االبحث.
الوضع إذن يرسم كالتالي : لدينا عاملان يعتقد أنهما مستقلان ولا علاقة لأحدهما بالآخر لكن تظهر فرضيّة تربط بينهما ويقع تدعيم هذه الفرضيّة باكتشاف قاعدة لغويّة جديدة.

الألف الفارقة موضع شكّ

تظهر الألف - التى سيثبت لاحقا أنها تدعى عن غير صواب فارقة - في آخر الفعل بعد واو الجماعة في الماضي، في الأمر وفي المضارع المنصوب والمجزوم.
تسمّى الواو الفارقة ويعتقد أنها تساعد القارئ على التفريق بين واو الفعل الأصلية وواو الجماعة وتنبيهه أن الواو ليست حرفا أصليا في الفعل.
بعض الملاحظات تجعل هذا الدور المنسوب للألف (الفارقة) موضع شكّ:
لماذا تحذف الألف (الفارقة) ( هم لم يدعوا) عند اتصال الفعل بضمير فنكتب (هم لم يدعوه) ولا نكتب ( هم لم يدعواه) ؟
لماذا يقع التنبيه إلى واو الجماعة في آخر الفعل ( هم لم يدعوا) ولا يقع التنبيه إليها إذا دخل ضمير نصب على الفعل ( هم لم يدعوه)؟
لماذا تضاف الألف (الفارقة) ويقع التنبيه إلى واو الجماعة فقط في آخر الفعل؟
لماذا لم تقتصر إضافة الواو على الأفعال التي آخرها واو؟ ( لماذا تضاف في لم يكتبوا. أيخشى
عتبارالواو حرفا أصليا في فعل كتب )
لماذا يسند دور لحرف لاجتناب الوقوع في هذا الخطأ دون غيره من الأخطاء التي يمكن الوقوع فيها؟
لماذا تلحق الألف الفارقة الأفعال ولا تلحق الأسماء؟ نكتب (معلمو بلدي ) ولا نكتب (معلموا بلدي)

هل صحيح أن الفعل النّاقص يجزم بحذف آخره؟

عندما يجزم الفعل المضارع (يجري) يحذف حرف العلة من آخره (لم يجر) وعندما يجزم الفعل الصّحيح السّالم (يفعل) تحذف الحركة من آخره فيتقع عليه السّكون ( لم يفعلْ).
هل حُذف حرف العلة في الفعل النّاقص نيابة عن حذف الحركة لأنّ آخره لا يتحمّل الحركة ؟
ما هو الرّابط بين حذف الحرف في ( لم + يجري ) وحذف الحركة ( الضّمة ) في ( لم + يفعلُ ) ؟
لا توجد قاعدة تبرّر الرّبط بينهما.
هل توجد قاعدة لغويّة تمنع جزم ( يجري ) بالسّكون (لم يجريْ) ؟
جرى فعَل
يجري يفعلُ
لم يجريْ لم يفعلْ
باستثناء الألف كل حروف اللّغة العربيّة تتحمّل السّكون، فما يمنع أن يكتب (لم يجرِيْ) ؟
سيثبت لاحقا أنّ الفعل المضارع المعتلّ الآخر يقع جزمه بالسّكون بخلاف ما يعتقد من أنّ جزمه يقع بحذف حرف العلة نيابة عن حذف الحركة لأنّه لا توجد قاعدة لغويّة تجعل حذف الحرف معادلا لحذف الحركة . الإعتقاد بأنّ القصد من حذف الحركة هو التعويض عن غياب حركة يقع حذفها بإنزال السكون عليها اعتقاد غير صائب، فسيثبت أنّ الفعل الناقص يجزم بالسّكون كبقيّة الأفعال دون اعتبار لصفة آخره كحرف علة.

دور الألف (الفارقة)

ما هو الدور الحقيقي للألف بعد واو الجماعة ؟ واو فارقة؟
اللغة العربيّة تميّز بين الفعل والإسم عند االوقوف على الكلمة الّتي آخرها حرف علة (حروف العلة هي الواو والياء).
فإذا كان الوقوف على حرف علة ساكن في آخر الإسم ينطق به ولا يحذف. نقول ( النّحوْ - الجريْ ) أمّا إذا كان الوقوف على حرف علة ساكن في آخر فعل فيحذف ولا ينطق به، فنقول : هو يجر ( بالكسرة القصيرة) ولا نقول : هو يجري ( بالكسرة الطويلة) كما لا نقول: هو يجريْ بنطق الياء ساكنة.
لماذا نقول (هو يجر بالكسرة القصيرة) ولا نقول (هو يجري بالكسرة الطويلة) ؟
لأنّ الوقوف على السكون يجعل (هو يجري) (هو يجريْ ) ولكن الياء الساكنة حرف علة ساكن في آخر فعل فيحذف ونقول (هو يجرِ) دون مد.
هذا واقع الأمر، تفرقة واضحة بين الفعل والإسم عند معالجة حرف العلة السّاكن .
في كلامنا يحصل وبصفة طبيعيّة حذف حرف العلة السّاكن إذا كان في آخر الفعل وهذه هي القاعدة المكتشفة : يحذف حرف العلة الساكن إذا جاء في آخر الفعل.
حضور الألف بعد واو الجماعة هو لحماية الواو ومنع حذفها وهذا الحضور يؤكد قاعدة حذف حرف العلة من آخر الفعل إذا جاء عليه سكون .
حضور الألف مرتبط بالواو كحرف علة ولا كواو جماعة فهو يحمي الواو ويحول دون حذفها فهي في آخر الفعل حيث وجب حذفها إذا كانت ساكنة.
بخلاف الفعل، لا يحذف حرف العلة السّاكن من آخر الإسم لذا لا حاجة لحمايته (معلمو بلدي).
إثبات حذف حرف العلة السّاكن من آخر الفعل هو إثبات لدور الألف في منع حذف واو الجماعة لأنها ستكون من دون الألف ساكنة فتحذف :
مثال فعل سعى
هو سعَى
هم + سعَى + وا = هم سعَاوا : قاعدة الرجوع إلى الميزان الصّرفي
هم سعَاوا = هم سعَوا : قاعدة حذف حرف المدّ
هم سعَوا = هم سعَوْا : قاعدة العين المفتوحة
لنعيد الآن كتابة هذه المراحل في غياب الألف (الفارقة): ( هم فعلو )
هو سعَى
هم + سعَى + و = هم سعَاو : قاعدة الرجوع إلى الميزان الصّرفي المفترض بدون الألف
هم سعَا و = هم سعَو : قاعدة حذف حرف المدّ
هم سعَو = هم سعَوْ : قاعدة العين المفتوحة
هم سعَوْ = هم سعَ : القاعدة المكتشفة
إذن في غياب الألف (الحامية لحرف العلة) تختفي الواو لإنها ساكنة في آخر فعل (هم سَعَوْ) وتتحوّل الحالة إلى (هم سعَ ) وهي صيغة غريبة تتناقض مع صيغة الميزان الصّرفي المفترض (هم فعلو) ولا يمكن تبريرها في اللغة العربية.
القاعدة المكتشفة توجب حذف حرف العلّة آخر الفعل إذا كان عليه سكون، وحتّى لا تحذف الواو في (هم سعَوْ) كان:
ألا تكون الواو آخر الفعل بإضافة ألف تحميها بتغيير رتبتها أو
ألا تكون ساكنة وهذا ممكن إذا تغيّرت حركة العين من الفتحة (هم سعَو) إلى الضمة (هم سعُو
ولكن تغيير الفتحة ينقض قاعدة العين المفتوحة : ( لا تتغيّر عين الفعل المفتوحة لتغيّر الضمائر).
الآن ثبت أنّ الألف بعد واو الجماعة لها دور أساسي في بناء اللغة العربيّة فهي تحمي واو الجماعة وتمنع حذفها في آخر الفعل.
وجود الألف يغير مرتبة الواو حرف العلة الساكن في آخر الفعل فيمنع حذفه مع أن ذلك يسمح باستنتاج أنّ الواو هي واو الجماعة . لا يقتصر دورها على التنبيه إلى واو الجماعة وإنْ سمحت بذلك بحكم وجودها بعد الواو فإذا كان وجودها يعني أنّ الواو لا يمكن حذفها عند الجزم فذلك يعني أنّ الواو واو جماعة وليست حرفا أصليّا في الفعل النّاقص.

حذف الألف (الفارقة)

لماذا تحذف الألف (الفارقة) عند اتصال الفعل بضمير فنكتب (لم يدعوه) ولا نكتب (لم يدعواه) ؟
إذا اتصل الفعل بضمير فلا خوف على الواو من الحذف فقد تغير موقعها ولم تعد في آخر الفعل فلن تطبق عليها القاعدة المكتشفة.

جزم الفعل الناقص

بفضل القاعدة المكتشفة يمكن الإجابة عن السّؤال التالي:
لماذا يجزم الفعل الناقص بحذف آخره؟
يجزم الفعل النّاقص بحذف آخره لثلاثة أسباب:
1-لأنّ آخره حرف علة ( واو أو ياء)
2-لأنّ الجزم يكون بتغيير حركة الفعل إلى سكون
3-لأنّ حرف العلة الساكن يختفي إذا كان في آخر الفعل
الآن وبفضل هذه القاعدة يمكن شرح العلاقة بين جزم الفعل الناقص وحذف حرف العلّة.
رجا
يرجُو : قاعدة صياغة المضارع
لم+ يرجُو = لم يرجُوْ : قاعدة صياغة المضارع المجزوم
لم يرجُوْ = لم يرجُ : القاعدة المكتشفة
القاعدة المكتشفة : يحذف حرف العلة إذا كان آخر الفعل و عليه سكون